samedi 6 juin 2015

د.صباح عقراوي:السلوك العدواني في المجتمعات واسبابه التتمة الثالثة للجزء 29



السلوك العدواني في المجتمعات واسبابه
تتمه...
العدوان الذي ارتكبت بأسم الأسلام .3
........التتمة الثالثة للجزء 29

نعلم أن نشر الرسالة الأسلامية, أعتمادا على المنهج الألاهي الرصين, بدات وأستمرت, لسنين عديدة , دون اية شائبة. ومن بلورتها افرزت تكوين نواة, شعت منها الأنطباع الجوهري في كشف الملامح الحقيقية عن أصل الدين والمتحقق بعناصر (الأيمان), الذي يشمل معاني التوحيدوعبادة الله والرفق والسلام والسماحة والصفح والعطف والرحمة والأمان والحكمة والوفاء والتعاون والجهاد باللسان والحوار من أجل الأقناع والأهتداء للحق والتحرر من العبادات الغير الاهية والأمر بحسن الجوار وبر اليتيم وصلة الأرحام . ان معظمها انعكست على الممارسة اليومية في تأمين الحقوق الأساسية للأفراد, باعتبارها الضرورات الفطرية لكرامة لأنسان ,الذي يبغي العمل لتأمين فرص ووسائل توفيرالأكل والملبس والسكن والأمن و اسس الكرامة والحريات الفردية, من حرية الاعتقاد والتعبير والتعبد وتسهيل مهام التعلم والتوعية وتسهيل توافر مستلزمات المشاركة في التساند والتكاتف اليومي, لضمان عناصر الأستمرار في الحياة وتهيئة اركان المستقبل الافضل للأفراد وللأبناء والمجتمع, مع صياغة النظام العام للفهم المشترك للأمور وتنظيم مؤسسات الارشاد والمراقبة والاصلاح الفردي والمجتمعي.
فلو ركزنا على الأيات الكريمات, التي كانت اصل التوجيه الرباني في الحقبة الزمنية, التي شملت بدايات الرسالة, لتفطننا الى ما يضمنه جوهر الأسلام والمقارب جدا لكل الاديان والشرائع.
وقال تعالى: ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظةالحسنةوجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك اعمل بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ( النحل اية 125)
وقال: " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ" (البقرة: 256)
وقال: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ،لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ" (الغاشية: 21،22)
"فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُللِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْأَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُوَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" (آل عمران: 20)
"أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ" (يونس: 99)
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) أل عمران 159
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) سورة الإسراء الآية :70
(الدين النصيحة قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم) حديث شريف
وفي الحيث الشريف ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاة )
(يا مالك إن الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) من أقوال سيدنا الأمام علي ع.

ان تلك الايات والتوصيات, تكون الجانب المصيء من الرسالة وجانبا من ملامح المنهج الحقيقي للدين الأسلامي, الذي يوحي بخلق الأنطباع الأيجابي حول حقيقة الرسالة الأنسانية الخاصة للدين, تلك الرسالة, التي هي ليست بحاجة الى اكتشاف جديد, وانما يتطلب أعادة الأنتباه للنقاط الحساسة, التي توضح للأخرين المواضع البراقة التي تبدأ منها البدايات التي تحدد مفترق الطرق, الذي قد يعول قولاعليه البعض , بينما يطبق خلافه عملا, مستغلا بعض الغموض او التناقض في المتن أو القناعة في تقديس نصوص التطرفو دون مراعاة الظروف المؤثرة في حينة, أو اجراء تسقيط في نزواته على تلك النصوص, مستغلين بساطة التفكير او محدودية التحليل لدى العامة أو الجهل العام بالأحكام الحقيقية للدين وماهيةالغرض من وجوده. ويعد هذه المكمن الذي من خلاله يسهل على من يرغب بأستغلال الساذجين وتحريف الأمور, أقلا من خلال الممارسات التي تنقصه خصال الرحمة والمحبةوالمنطلقات الأنسانية, التي تعد ليس جوهرا للخير في كل الأزمنة وعلى كل الميادين فحسب, وأنما ايضا خط الفصل, التي تشخص لنا اطر تحديد منهج الخير وتفصله عن نوازع الشر.
أن منهج الأسلام, النابع من تسمية ( السلام )مع الذات ومع الخيرين وفي توحيد الباري. ويعد السلام مع الذات فصلا من فصول الجهاد الأكبر في لجم كل الغرائز الشرانية من الميول النرجسية والأنانية وتوخي الملذات والاحساسات والنوازع العدوانية واستغلال الأخرين, مرافقا ببذل الحكمة والمنطق المستند على عقيدة وحدانية الخالق والأعتراف بفضله على عباده, موجهين مسالك الفكر وقدرات العقل والطاقات الجسميه والنشاطات الأجتماعية, نحو كسب الصفات الشاملة لبذورالصفاء والوفاء والأستقامة, من أجل ترضية الباري والتضامن مع الأخرين وارسال الأيحاءات ونشر الرسائل الغائية للوصال السلمي مع المجتمع وامتداداته بأتجاه الأمم الأخرى. ان هذا الجوهر يعد الاساس الراسخ والممتد والشامل لخير الانسانية جمعاء. ويعد الارضية المشتركة, التي تستند عليها الاسس التي بنيت عليه الوصايا العشرة ل( موسى) عليه السلام وعما وردت ضمن نصائح السيد المسيح في ترسيخ التعاليم حول القيم العليا.
لاشك أن هذا المنهج الذي اتضح منذ البدايات يعدالقاعدة الصلبة, التي انطلقت منها الاسلام الحقيقي وقدم بها نفسه الى الشعوب والامم المجاورة. أن ذلك كان الخلفية, التي جعلته, لدى الأقوام الأخرى, موضع احترام وتقدير وهيبة كبرى. وعلى سبيل المثال, كان ذلك الامر,هو الذي جعل ملك الحبشة( النجاشي) يتحمل المخاطرة في المجابهة مع قريش ويستقبل أعدادا من المهاجرين المسلمين ولوجبتين متتاليتين ويعمل على مواساتهم وابداء العطف عليهم في فترة كانت للقريش قدراتها وامكانياتها في التأثير على المنطقة. بل واتخذ الموقف المدافع عنهم اثناء ما ارسل قريش (عمرو بن العاص) قبل اسلامه, لأقناعه لطردهم و العودة تحت سلطة قريش, في وقت كانت فيه الدعوة في اضعف حلقة من حلقات الأنتشار. و توكيدا لفهمه الصحيح للأسلام, وبعد أن استمع الى جعفر بن ابي طالب واجتمع بأعدادمن الرهبان والقسس,فرسم خطا رفيعا في الأرض, موضحا أن الدينين متطابقين بأستثناء ضئيل في فهم امور الدنيا والأخرة. ولما حاول ( عمرو بن العاص) بالألحاح عليه وأثارته على المسلمين المهاجرين, غضب ( النجاشي), فادماه بضربه بعنف على انفه. ان تلك الضربة كانت السبب في خلق حالة من اهتزازالقيم لدى (عمرو) وبعد مسح الدم من على وجهه وثيابه, بدءا يفكر بمدى التأثير القيمي للاسلام على هذا الملك الصالح, ومن خلاله شخص مدى عظمة تلك الأفكار في تكوين الهيكل المبدئي.وهنا يتضح بان ( النجاشي) كان السبب في اسلام (عمرو) والذي بعد رجوعه الى مكة, اثر على كل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وتسبب في اسلامهما. أما نجاشي فلم يقف عند هذا الحد, بل تكلف ايضا بدفع نفقة زوجة الرسول( رملة بنت ابي سفيان) بعد أن ارتد زوجها ( عبدالله بن جحش) عن الاسلام أثناء الهجرة. ووفاء لمواقفه, وأثناء بلوغ الرسول نبأ وفاة( النجاشي) في السنة التاسعة للهجرة , فقد أمر باحضار مجموعة من الصحابة والمسلمين فصلى عليه صلاة الغائب.
ما تطرقنا له هو بغض النظر من صحة الرواية,التي تفيد بأن النجاشي كان قد اسلم. فلو كان ذلك صحيحا, فان العبرة في الانتشار السلمي هي الأكبر , حيث توحي, بأن نشر الأسلام بتلك القيم النبيلة,بعيدا عن العنف والعدوان, يعد دوما عامل الجذب الاكبر والاصلاح الأعم, وذوأهمية قصوى في تسريع الزخم للأنتشار, محتفظا بعاملي الصفاء والنقاء في اعلاءالمثل العليا في الدفاع عن الروح الأنسانية.
لابد من الاشارة الى كون العديد من الدول التي انتشر فيها الاسلام سلميا ومنها السودان والصومال وغانا ومالي والسنغال والهند والصين وبعض الجاليات في اوروبا وبعض دول اميركا, وحتى في منطقة (ديروجة)في الساحل الجنوبي ل( رومانيا) قبل استيلاء العثمانيين عليها في 1411م

واليوم هناك نقاشات واجتهادات ونداءات عديدة عن فحوى المحتوى الديني وكيفية انتشاره وعناصرمتانته وماهية العقيدة التي يجب ان يستند عليها.
فقد صرح مؤخرا احد مسؤلي التنظيمات التكفيرية قتال الكفار والجهاد والهجرة ماض إلى قيام الساعة”. ..... الإسلام ما كان يوماً دين سلام، وأن الرسول بُعث بالسيف”.

ومن موقف أخر, نراجع رأيا معاكسا تؤسس عليها المفهوم السلمي للأسلام صدرت من دار الأفتاء المصرية, الذي استنكر مواقف التكفيريين مباشرة بعد التجني الداعشي في حوادث القتل والنهب و السبي قي واحدة من ابشع صور التعاملات الانسانية همجية في القرن الواحد والعشرين , ومنها بيع النساء الحرات في سوق النخاسة. حيث أكد الدار -- أنه لو طبقت تعاليم الإسلام على الوجه الأكمل لانتهى الرق تماما من البشرية في غضون القرن الأول الهجري، لكنه وبفعل النخاسة وخطف الأطفال والخروج عن معاني الإسلام استمر حتى بدايات القرن العشرين---.
وهنا نجدأنفسنا, بين امرين يمثلان قطبين متناقضين ومتصارعين,لايسهل التكيف بينهما, في ان واحد وزمان واحد وتحت ظرف واحد, ولغرض الوقوف على حقيقة الأمر لابد من استخدام وسيلة للمناقشة المستندة الى العقل والمنطق, ومن هنا لانجد ما يبرر اللجوء الا السيف( القتال) الا الدفاع عن النفس او الكيان أو لدفع خطر يهدد النظام العام أو فساد في الأرض.
من البديهي , ان نقتنع ان بني البشر جميعهم بأديانهم المختلفة واعتقاداتهم المتعددة هم من صنع الخالق الواحد الأحد, الذي أعدهم في أحسن حال لكي يكون على شاكلته ويخلفهم في الارض. وحتى لو خطأ البشر, فأن للباري القدرة على اهدائه في اي وقت يشاء, أو سيلاقي وجه في الأخرة ويكون أهلا للحساب. وليس للبشر اي حق, باستثناء اسداء النصح أو الأرشاد, لاي تجاوز أو عقاب على أخيه البشر. وليس هناك اي تفويض من جلالته لأي من البشر للتجاوز على ما هو ضمن ارادته. واي تمادعلى ذلك أوعلى حقوق الفرد في العيش والحرية والأعتقاد يعد عبور لحدوده, لان من شأنه النيل من هيبة البشر وكرامة الانسان وتنجم عنه نشر الفساد في المعمورة. ويعتبر تعد مباشر على أرادة الباري عزوجل. ومن هنا فلا يعقل و ليس من المنطق, بان من يبتغي رضا الخالق ويتنور بشعاع نوره السماوي في الأهتداء الى طريق الهدى والرشد, خلافا لرضى الرب,ان يقييد او يتمادى على حرية الأخرين, , ليجعله عبدا له دون ربه, أويزهق الارواح( هبة الباري) أو يرتكب الزنا تحت غطاءالدين.. كبف يرضى الخالق الذي اسكن الرحمة والشفقة في قلوب الابوين والأخوة, ان يصادر الفرد او يعرقل وسائل التعبير عن تلك الرحمة بتفريق الأم والأب والأبناء والأخوة, وابعادهم عن ديارهم ليستخدمون بمثابة أمة وعبد وغلام. وهل ان العدالة الربانية تقر أو تسمح, بتفريق البشر الى طبقات, منهم الطبقة الأعلى القريبة منه والداعية بأسمه والطبقات الدنيا, التي لا محل لها الا بين العبيد. وهل يسمح بأن تنتهك الأعراض وتغتصب الأموال لتوزع على الغزاة,المتجاوزين لحدود جلالته, تثمينا لأقترافهم الجرائم بحق الأمنين والأبرياء. والاثم دوما اشد وأعتى لو هناك من يدعي ارتكاب كل تلك الشنائع, تحت ذريعة الأمر الرباني أو ادعاء بوكالة او مشيئة الباري في العلى.

لاأظن, ان هناك من لا يتفق معنا, في انكار تلك الجرائم والخروقات. لكن علينا ان نتفحص من اين تواردت الينا كل تلك السلوكيات العدوانية وما هي مسبباتها؟
قد يقول قائل. هناك في الشرع ما هو الناسخ والمنسوخ, وان ما ذهب اليه الايات اعلاه قد نسخت وأزيلت, لتعتمد اياتا اخرى ولكن من الوجهة الشرعية لعملية النسخ تتطلب, لابد مراعاة ظهور ما هو احسن وأعم خيرا من ما ذكر أعلاه, حيث. فان الله تعالى يقول:(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة:106], لذا يشترط في النسخو بروز ما هو افصل او اقلا ما هو بمستوى المنسوخ ,و فلو لم تتوفر تلك الشرطين لايصلح للنسخ, فهل ان المسلك العدواني أخير من الحكمة والموعظة في نشر الفضائل وهل ابادة الشعوب والتجني على الحقوق أفضل من نشر الفضائل والتقرب بها الى عامة الناس؟

يتبع.......
الدكتور
صباح عقراوي
استشاري الطب النفسي



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire