سلام في جوف النهر(لسبية ايزيدية) قصة قصيرة
بقلم/ زينب علي

الى الانقى,,
والأطهر,,, الى السبية الايزيدية..
لازلتِ مصدر النقاء, حتى وانتِ تتجرعين قذارة خبثهم..
بجسد منهك وممزق, غيرت ملامحه كل تلك المصائب الوحشية التي حلت طوال تلك الايام القاسية المملة. استقبلت النهر تركض لاهثة تتلفت وراءها, تطاردها كوابيس الخوف; مصحوبة بمرارة الخيبة والخذلان التي صاحبتها منذ ذلك اليوم العاصف الاسود وأخذت تزداد اسى وخذلانا يوما بعد يوم.
وقفت نارين على حافة النهر نظرت اليه طويلا,, رفعت رأسها للسماء بعيون دامعة. كانت غير مصدقة ان الحظ حالفها هذه المرة, فلقد تخلصت للتو من اهوال جهنم البشعة و تحررت من سجن مليء بالجلاوزة الذين اذاقوها ما لا يخطر على بال بشر من عذابات والآم وإهانات.
وقفت هناك عارية ملفوفة بالرداء ألأسود كأنها ملاك ملفوف بهالة حزن. استعادت ذاكرتها كل شيء,, كما لم تنساه يوما,, كل شي كان يزورها في الاوقات القصيرة التي لا تتعدى دقائق ليتبادل بها الذئاب نوباتهم على جسدها المثقل بالجراح,, كانت هي تسترقها لتستذكر ماضيها الجميل..
ذلك الشارع الترابي,, انه ترابي لكنه جميل. كان يأخذها كل يوم لمدرستها لسنوات طويلة. تحمل حقيبتها الثقيلة مرة على ظهرها ومرة بيدها..
مر سردار يطرق ذاكرتها المليئة بالصور لماضيها الامن الجميل,, ذلك الطفل الشقي الذي كان يركض وراءها حين يراها برفقة صديقاتها. فيركضن وهن يتسابقن مع ضفائرهن الجميلة, وتعلو اصوات ضحكاتهن..
_سردار ساقول لامك انك تلاحقنا.
هكذا كانت ترد عليه….
وحين التقاها مرة اخرى في معبد لالش,, كان اكثر نضجا وخجلا.. وقد تغيرت نظراته من ذلك الطفل المشاكس لذلك الشاب الذي ارسل لها اولى رسائل حبه..
تذكرت جمال الربيع و شجرة التين التي تقع هناك, حيث تلتقي هي وسردار. هناك,,, كان قد وعدها بانه سيلتقي بها مرة اخرى.
لكن ذلك, لم يحصل ابدا….
تذكرت والدها وأخويها ألصغيرين وكيف كانت والدتها تودعها كل يوم عند ذهابها للجامعة:
خودي يحميك يا ابنتي
مرت تلك الايام كأشباح وتلاشت كضباب ولم يبقى في راس نارين غير الذكريات الاليمة الموجعة الي تلتصق بذاكرتها وتتشبث هي بها, مواسية نفسها لتتخلص من واقعها المرير..
بدأت حسراتها تتسابق مع دموعها للخروج, واخذت تظهر كلهاث مصحوب ببكاء. وهي ترى صورة اهلها وهم مقيدون للوراء امام عينيها, بينما اقتيدت هي امامهم يحيطها مجموعة من اللاهثين للدماء و الاغتصاب. يمسكون بشعرها بقوة ويقيدون ايديها ويدفعونها للارض..
واهلها ينظرون… مقيدي الايدي وموجهة البنادق على رؤوسهم..
تعالت التكبيرات, كانها دعوة للصلاة,,
ولكنها دعوة لاستباحة جسد نارين,, امام عائلتها المسبلة للموت..
الله اكبر ,, اغتصبها الاول..
وكان صراخها يعلو ويعلو, وليس هناك من سامع,,
الله اكبر ,, اغتصبها الثاني
غير مبالين لجعها المميت و بكائها المستمر,,
الله اكبر ,, اغتصبها الثالث.
وهي جثة فاقدة للوعي,,
انتفض والدها المقيد ,, الله ياخذكم يا وحوش..
فأسكتوه بقطع رقبته,,, تلتها التكبيرات..
الله اكبر,, اغتصبها الرابع..
صاحت الام اه يا ابنتي,, يا ليتني مت ولم ار هذا..
صاح بها المؤمن: اخرسي ياكافرة,, فحز رقبتها وعلق راسها الملفوف بالعمامة البيضاء على جسدها المغدور..
بكى الصغار..
لا تبكوا,, فانتم قد من الله عليكم بنعمته, وأصبحتم جند للدولة الاسلامية…
بكت,, وبكت,,
وهي تستعيد تلك الصور وتمتمت بصوت متقطع مصحوب بالدموع الساخنة:
عشرة اشهر وانا اتذوق نزعات الموت كل يوم,, وانظر كل صباح ومساء للطريق.
سيأتون,,سيأتون,,
كريح غاضبة,, كرعد مزمجر,, سيأتون,,
سيأتون,,
وسيحرروني..
ومر الصبح, ولم ياتي احد,,
هل نسوني.. عجبا,, فانا لم انساهم ,,
واتى المساء وانا أنتظر,,
سيأتون,,
انتظر بلهفة,, لا تماثلها لهفة مسجون لحرية,, او لهفة عاشق لحبيبة,,
بل انها اعمق,, اعمق بكثير,,
لهفة امراة يُنتهك جسدها كل لحظة وكل ثانية.. امراة تُغتصب الف مرة في اليوم,,
امراة لا يعلم احد بمكانها,, وعذابها,, وماتلاقي كل يوم,,
امراة تصرخ وتسغيث كل يوم.. ولايسمعها احد..
امراة بيعت في اسواق النخاسة ثلاثين مرة ,, واهديت اربعين مرة.. تمزق جسدها وتهالك ولازال ذلك النفس البغيض متمسكا في مكانه لا يرغب بالرحيل..
نسوني,,
لم يعودوا يتذكروني,,
لم يعودوا يحسبونني ابنة لهم,,
ايزيدية او عراقية,,
تخلوا عني,, واصبحت وحيدة منفردة, اواجه العذاب لوحدي كل يوم , كل ساعة, كل لحظة,, حتى سكن اليأس والقنوط في قلبي,, فتوقفت عن الانتظار لذلك الفارس الذي سيأتي يلوح بسيفه لإنقاذي,,
اه,, اين كنت واين صرت,,
لم يكن يخطر في بالي ابدا,,
توقعت كل شي,,كل شيء, وكل الاشياء,,
لكن ان اكون سبية ذليلة يقتادني رعاع الناس واقذرهم,,
جارية يغتصبني ذلك القذر ثم يشكر الله لهديته المستباحة,, لم يخطر في بالي ابدا..
سبية تدنس طهارتي قذارتهم,,, لم يكن في الحسبان ابدا..
* *
نارين,, لم تسمع منذ عشرة اشهر غير نداءات الله اكبر المرفوعة على بعثرة جسدها النحيل المتهالك الذي لايقوى على مقاومة اتفه مغتصب بينهم..
ولم تعد تطلق غير انين يسكن اعماقها و لا تشعر بغير حزن يغلف روحها وتعاسة تحيط بأيامها وقنوط يسكن قلبها..
اقتربت اكثر من النهر جلست ملفوفة بعباءتها السوداء التي تلف جسدها العاري وأخذت تتكلم مع نفسها وكأنها تلقي كلمتها الاخيرة:
انا الكافرة بنظرهم,, فلو تركوني اتذوق نار الله على ان اتذوق نار ايمانهم الذي سيمنحني الجنة.
اه,, كم تمنيت ان اكون ماكنت عليه قبل عشرة اشهر,,
بعيدة عن هذه السجون المحاطة بالمعابد,, والصلوات,, و الدماء,,والاستباحات,,
كم تمنيت ان اكون,, كما كنت,, حرة,,
عندها ساغادر الى بلاد بعيدة,, بعيدة جدا,, لا تذكر اسم الله لتحز رقاب بعضها,,
او لتنتهك اجساد نساءها,,
رفعت راسها نحو السماء وأخذت تخاطبها بصوت مزقته العبرات. كان جسدها يرتعش وهي تخاطب الرب وقد ارتسم على وجهها الباهت كل مايدور في خوالج قلبها من الم وحزن وبراكين ثائرة تحاول اقتلاع الحجر والثورة للأعلى:
الهي ألرحيم,, ما الذي اقترفته من ذنب حتى استحق هذا العذاب الشنيع؟
ما الذي فعلته حتى يكون عقابي مهين ومقرف وبشع لدرجة انه لا يضاهيه عقاب اخر؟
هل ارتكبت جرما قاسيا يا الهي,, جرما صغيرا,, كأصغر جرم قام به اولئك الذين يرددون اسمك ليلا نهارا على كل ذبيحة وكل سبيه, لاستحق هذا العقاب؟
انا انسانة ضعيفة, قلبي مليء بالأوجاع والإذلال ألمستمر كل لحظة اساق للموت فأتذوق نزعاته الاكثر ايلاما من الوصول اليه.
لماذا يا الهي,, لماذا,,
تنظر الي وكأنني غير موجودة بينما يدور الطغاة من حولي ويرتكبون مجازرهم وطغيانهم باسمك.
وانت الرحيم.. لماذا تتركني وحيدة بائسة اتذوق الموت الف مرة في اليوم..
لماذا تتركني اعاني الوجع وحيدة, بين ايدي الشقاء,, اتقلب من جهة لاخرى وانا اتذوق الالم اللامنتهي..
لماذا تتركني اتجرع الموت البطيء وبلا رحمة؟؟
الهي لطالما صرخت باسمك وتوسلت بك وممدت يدي اليك وانا اغتصب في السر وفي الساحات العامة امام اعين المارة,,
لطالما صرخت يالله خلصني منهم,, وهم يغتصبونني واحد تلو الاخر,,
ولكنك لم تسمع لي ولم تجبني,,
استباحوا جسدي الطاهر باسمك, يارب,, ورموا به في قذارتهم..
بكت ,, بكت,, حتى احست انها لاتقوى على البكاء,,
احنت راسها نحو النهر ثم تذكرت ان تتصل بسردار ( حبيبها) الذي لازالت تحتفظ برقم نقاله عن ظهر قلب.
اخرجت النقال( نقال ذلك القذر الذي اشتراها اخر مرة). اتصلت بسردار.
سمع صوت باهت منخفض.
_الو, من ؟
_ سردار؟؟ اانت حي؟؟.
قفز قلبه, الذي اكله الحزن, من مكانه, نارين ؟ اين انتي لماذا لم تتصلي طوال ذلك الوقت؟
_ وكيف تظنني ان اكون؟
بكت بأعلى صوتها وتقطعت اوصال قلبه لنحيبها:
_ حبيبتي, انتظريني سننسى كل شي وسنكون معا.
_ وكيف سيكون كل شي على مايرام,, وانا التي اشتروني امير بعد امير واغتصبوني كل يوم عشرات المرات,,
وانا التي تناوب القذرون على اغتصابي علنا, مرار وتكرار, وسط الجماهير المكبرة..
هل تعلم يا سردار,,ماعنيت من وجع والم, وانا التي رأت ذبح اهلها بأُم عينها,, والتي سيقت للرذائل من جدائلها؟؟
هل تعلم ماذا اكلت وماذا شربت وماذا عانيت؟؟
هل تعلم كيف مرت الليالي ثقيلة وموجعة علي؟؟ جسدي يؤخذ ويعطى كقطعة حلوى من يد ليد؟
هل تعلم كيف قضيت ايامي ابكي واتوسل الى الله كي يخلصني؟؟
كم تنّصت لوقع اقدام من سياتي لينقذني؟؟ ولم ياتي احد,,
ناديت الرب كثيرا لكنه ادار بوجه عني,,
ها انا ذا اقف على ذلك النهر بعد ان فقدت بكل شييء وبلغت اقصى ذروات الالم ولم اعد احتمل,,
فاني الان اطلب من النهر ان يتقبلني ضيفة خفيفة ويسدل علي بظله.. ساموت هنا عارية لاواجه ربي عارية,, وساشكو له ظلم من اغتصبوني باسمه,,
احنت راسها,,
تقدمت نحو النهر و عينيها تمطر دموع..
ازاحت العباءة السوداء التي تطوق جسدها الهزيل المرصع بهالات التعذيب الملونة,, تسللت بقدميها الحافيتين الى النهر الساكن الذي يصغي لصوت حزنها بصمت, عارية.
اخذ النهر يلتهم جسدها المتعب شيئا فشيئا,,
و استقرت في جوفه بسلام لم تشهده منذ عشرة اشهر….
بقلم/ زينب علي

الى الانقى,,
والأطهر,,, الى السبية الايزيدية..
لازلتِ مصدر النقاء, حتى وانتِ تتجرعين قذارة خبثهم..
بجسد منهك وممزق, غيرت ملامحه كل تلك المصائب الوحشية التي حلت طوال تلك الايام القاسية المملة. استقبلت النهر تركض لاهثة تتلفت وراءها, تطاردها كوابيس الخوف; مصحوبة بمرارة الخيبة والخذلان التي صاحبتها منذ ذلك اليوم العاصف الاسود وأخذت تزداد اسى وخذلانا يوما بعد يوم.
وقفت نارين على حافة النهر نظرت اليه طويلا,, رفعت رأسها للسماء بعيون دامعة. كانت غير مصدقة ان الحظ حالفها هذه المرة, فلقد تخلصت للتو من اهوال جهنم البشعة و تحررت من سجن مليء بالجلاوزة الذين اذاقوها ما لا يخطر على بال بشر من عذابات والآم وإهانات.
وقفت هناك عارية ملفوفة بالرداء ألأسود كأنها ملاك ملفوف بهالة حزن. استعادت ذاكرتها كل شيء,, كما لم تنساه يوما,, كل شي كان يزورها في الاوقات القصيرة التي لا تتعدى دقائق ليتبادل بها الذئاب نوباتهم على جسدها المثقل بالجراح,, كانت هي تسترقها لتستذكر ماضيها الجميل..
ذلك الشارع الترابي,, انه ترابي لكنه جميل. كان يأخذها كل يوم لمدرستها لسنوات طويلة. تحمل حقيبتها الثقيلة مرة على ظهرها ومرة بيدها..
مر سردار يطرق ذاكرتها المليئة بالصور لماضيها الامن الجميل,, ذلك الطفل الشقي الذي كان يركض وراءها حين يراها برفقة صديقاتها. فيركضن وهن يتسابقن مع ضفائرهن الجميلة, وتعلو اصوات ضحكاتهن..
_سردار ساقول لامك انك تلاحقنا.
هكذا كانت ترد عليه….
وحين التقاها مرة اخرى في معبد لالش,, كان اكثر نضجا وخجلا.. وقد تغيرت نظراته من ذلك الطفل المشاكس لذلك الشاب الذي ارسل لها اولى رسائل حبه..
تذكرت جمال الربيع و شجرة التين التي تقع هناك, حيث تلتقي هي وسردار. هناك,,, كان قد وعدها بانه سيلتقي بها مرة اخرى.
لكن ذلك, لم يحصل ابدا….
تذكرت والدها وأخويها ألصغيرين وكيف كانت والدتها تودعها كل يوم عند ذهابها للجامعة:
خودي يحميك يا ابنتي
مرت تلك الايام كأشباح وتلاشت كضباب ولم يبقى في راس نارين غير الذكريات الاليمة الموجعة الي تلتصق بذاكرتها وتتشبث هي بها, مواسية نفسها لتتخلص من واقعها المرير..
بدأت حسراتها تتسابق مع دموعها للخروج, واخذت تظهر كلهاث مصحوب ببكاء. وهي ترى صورة اهلها وهم مقيدون للوراء امام عينيها, بينما اقتيدت هي امامهم يحيطها مجموعة من اللاهثين للدماء و الاغتصاب. يمسكون بشعرها بقوة ويقيدون ايديها ويدفعونها للارض..
واهلها ينظرون… مقيدي الايدي وموجهة البنادق على رؤوسهم..
تعالت التكبيرات, كانها دعوة للصلاة,,
ولكنها دعوة لاستباحة جسد نارين,, امام عائلتها المسبلة للموت..
الله اكبر ,, اغتصبها الاول..
وكان صراخها يعلو ويعلو, وليس هناك من سامع,,
الله اكبر ,, اغتصبها الثاني
غير مبالين لجعها المميت و بكائها المستمر,,
الله اكبر ,, اغتصبها الثالث.
وهي جثة فاقدة للوعي,,
انتفض والدها المقيد ,, الله ياخذكم يا وحوش..
فأسكتوه بقطع رقبته,,, تلتها التكبيرات..
الله اكبر,, اغتصبها الرابع..
صاحت الام اه يا ابنتي,, يا ليتني مت ولم ار هذا..
صاح بها المؤمن: اخرسي ياكافرة,, فحز رقبتها وعلق راسها الملفوف بالعمامة البيضاء على جسدها المغدور..
بكى الصغار..
لا تبكوا,, فانتم قد من الله عليكم بنعمته, وأصبحتم جند للدولة الاسلامية…
بكت,, وبكت,,
وهي تستعيد تلك الصور وتمتمت بصوت متقطع مصحوب بالدموع الساخنة:
عشرة اشهر وانا اتذوق نزعات الموت كل يوم,, وانظر كل صباح ومساء للطريق.
سيأتون,,سيأتون,,
كريح غاضبة,, كرعد مزمجر,, سيأتون,,
سيأتون,,
وسيحرروني..
ومر الصبح, ولم ياتي احد,,
هل نسوني.. عجبا,, فانا لم انساهم ,,
واتى المساء وانا أنتظر,,
سيأتون,,
انتظر بلهفة,, لا تماثلها لهفة مسجون لحرية,, او لهفة عاشق لحبيبة,,
بل انها اعمق,, اعمق بكثير,,
لهفة امراة يُنتهك جسدها كل لحظة وكل ثانية.. امراة تُغتصب الف مرة في اليوم,,
امراة لا يعلم احد بمكانها,, وعذابها,, وماتلاقي كل يوم,,
امراة تصرخ وتسغيث كل يوم.. ولايسمعها احد..
امراة بيعت في اسواق النخاسة ثلاثين مرة ,, واهديت اربعين مرة.. تمزق جسدها وتهالك ولازال ذلك النفس البغيض متمسكا في مكانه لا يرغب بالرحيل..
نسوني,,
لم يعودوا يتذكروني,,
لم يعودوا يحسبونني ابنة لهم,,
ايزيدية او عراقية,,
تخلوا عني,, واصبحت وحيدة منفردة, اواجه العذاب لوحدي كل يوم , كل ساعة, كل لحظة,, حتى سكن اليأس والقنوط في قلبي,, فتوقفت عن الانتظار لذلك الفارس الذي سيأتي يلوح بسيفه لإنقاذي,,
اه,, اين كنت واين صرت,,
لم يكن يخطر في بالي ابدا,,
توقعت كل شي,,كل شيء, وكل الاشياء,,
لكن ان اكون سبية ذليلة يقتادني رعاع الناس واقذرهم,,
جارية يغتصبني ذلك القذر ثم يشكر الله لهديته المستباحة,, لم يخطر في بالي ابدا..
سبية تدنس طهارتي قذارتهم,,, لم يكن في الحسبان ابدا..
* *
نارين,, لم تسمع منذ عشرة اشهر غير نداءات الله اكبر المرفوعة على بعثرة جسدها النحيل المتهالك الذي لايقوى على مقاومة اتفه مغتصب بينهم..
ولم تعد تطلق غير انين يسكن اعماقها و لا تشعر بغير حزن يغلف روحها وتعاسة تحيط بأيامها وقنوط يسكن قلبها..
اقتربت اكثر من النهر جلست ملفوفة بعباءتها السوداء التي تلف جسدها العاري وأخذت تتكلم مع نفسها وكأنها تلقي كلمتها الاخيرة:
انا الكافرة بنظرهم,, فلو تركوني اتذوق نار الله على ان اتذوق نار ايمانهم الذي سيمنحني الجنة.
اه,, كم تمنيت ان اكون ماكنت عليه قبل عشرة اشهر,,
بعيدة عن هذه السجون المحاطة بالمعابد,, والصلوات,, و الدماء,,والاستباحات,,
كم تمنيت ان اكون,, كما كنت,, حرة,,
عندها ساغادر الى بلاد بعيدة,, بعيدة جدا,, لا تذكر اسم الله لتحز رقاب بعضها,,
او لتنتهك اجساد نساءها,,
رفعت راسها نحو السماء وأخذت تخاطبها بصوت مزقته العبرات. كان جسدها يرتعش وهي تخاطب الرب وقد ارتسم على وجهها الباهت كل مايدور في خوالج قلبها من الم وحزن وبراكين ثائرة تحاول اقتلاع الحجر والثورة للأعلى:
الهي ألرحيم,, ما الذي اقترفته من ذنب حتى استحق هذا العذاب الشنيع؟
ما الذي فعلته حتى يكون عقابي مهين ومقرف وبشع لدرجة انه لا يضاهيه عقاب اخر؟
هل ارتكبت جرما قاسيا يا الهي,, جرما صغيرا,, كأصغر جرم قام به اولئك الذين يرددون اسمك ليلا نهارا على كل ذبيحة وكل سبيه, لاستحق هذا العقاب؟
انا انسانة ضعيفة, قلبي مليء بالأوجاع والإذلال ألمستمر كل لحظة اساق للموت فأتذوق نزعاته الاكثر ايلاما من الوصول اليه.
لماذا يا الهي,, لماذا,,
تنظر الي وكأنني غير موجودة بينما يدور الطغاة من حولي ويرتكبون مجازرهم وطغيانهم باسمك.
وانت الرحيم.. لماذا تتركني وحيدة بائسة اتذوق الموت الف مرة في اليوم..
لماذا تتركني اعاني الوجع وحيدة, بين ايدي الشقاء,, اتقلب من جهة لاخرى وانا اتذوق الالم اللامنتهي..
لماذا تتركني اتجرع الموت البطيء وبلا رحمة؟؟
الهي لطالما صرخت باسمك وتوسلت بك وممدت يدي اليك وانا اغتصب في السر وفي الساحات العامة امام اعين المارة,,
لطالما صرخت يالله خلصني منهم,, وهم يغتصبونني واحد تلو الاخر,,
ولكنك لم تسمع لي ولم تجبني,,
استباحوا جسدي الطاهر باسمك, يارب,, ورموا به في قذارتهم..
بكت ,, بكت,, حتى احست انها لاتقوى على البكاء,,
احنت راسها نحو النهر ثم تذكرت ان تتصل بسردار ( حبيبها) الذي لازالت تحتفظ برقم نقاله عن ظهر قلب.
اخرجت النقال( نقال ذلك القذر الذي اشتراها اخر مرة). اتصلت بسردار.
سمع صوت باهت منخفض.
_الو, من ؟
_ سردار؟؟ اانت حي؟؟.
قفز قلبه, الذي اكله الحزن, من مكانه, نارين ؟ اين انتي لماذا لم تتصلي طوال ذلك الوقت؟
_ وكيف تظنني ان اكون؟
بكت بأعلى صوتها وتقطعت اوصال قلبه لنحيبها:
_ حبيبتي, انتظريني سننسى كل شي وسنكون معا.
_ وكيف سيكون كل شي على مايرام,, وانا التي اشتروني امير بعد امير واغتصبوني كل يوم عشرات المرات,,
وانا التي تناوب القذرون على اغتصابي علنا, مرار وتكرار, وسط الجماهير المكبرة..
هل تعلم يا سردار,,ماعنيت من وجع والم, وانا التي رأت ذبح اهلها بأُم عينها,, والتي سيقت للرذائل من جدائلها؟؟
هل تعلم ماذا اكلت وماذا شربت وماذا عانيت؟؟
هل تعلم كيف مرت الليالي ثقيلة وموجعة علي؟؟ جسدي يؤخذ ويعطى كقطعة حلوى من يد ليد؟
هل تعلم كيف قضيت ايامي ابكي واتوسل الى الله كي يخلصني؟؟
كم تنّصت لوقع اقدام من سياتي لينقذني؟؟ ولم ياتي احد,,
ناديت الرب كثيرا لكنه ادار بوجه عني,,
ها انا ذا اقف على ذلك النهر بعد ان فقدت بكل شييء وبلغت اقصى ذروات الالم ولم اعد احتمل,,
فاني الان اطلب من النهر ان يتقبلني ضيفة خفيفة ويسدل علي بظله.. ساموت هنا عارية لاواجه ربي عارية,, وساشكو له ظلم من اغتصبوني باسمه,,
احنت راسها,,
تقدمت نحو النهر و عينيها تمطر دموع..
ازاحت العباءة السوداء التي تطوق جسدها الهزيل المرصع بهالات التعذيب الملونة,, تسللت بقدميها الحافيتين الى النهر الساكن الذي يصغي لصوت حزنها بصمت, عارية.
اخذ النهر يلتهم جسدها المتعب شيئا فشيئا,,
و استقرت في جوفه بسلام لم تشهده منذ عشرة اشهر….
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire