مشروع “إيزيديون عبر العالم” \ 1
مراد أسماعيل
في سلسلة من المقالات سأحاول القاء الضوء على مشروع إيزيديون عبر العالم الذي كان لي الشرف ان أكون جزءا منه مع مجموعة خيرة من النشطاء الأيزيدية والمفكرين والشباب الأيزيدي في فترة حرجة جدا من مسيرتنا كشعب منذ الأيام الأولى من الإبادة وحتى اليوم، وأيضا سأحاول ان اعبر للرأي الأيزيدي العام فكرتنا كمجموعة وأيضا بعض الأفكار الشخصية حول مستقبل الأيزيدية كشعب يمر بعصر الاضطهاد بشكل لم يتعرض له أي شعب في القرن الحادي والعشرين. أتمنى ان تكون هذه الأسطر جسر لتعريف المجتمع الأيزيدي بالفكرة التي نعمل عليها كجيل أيزيدي جديد تحت مظلة المبادرة منذ بداية الازمة وأيضا مساهمة لبناء المشروع الأيزيدي القادم الذي نحن بصدد طرحه، والذي نسعى منه ان يكون مشروعا ايزيديا عاما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
مبادرة إيزيديون عبر العالم تشكلت في الأيام الأولى من الإبادة كفريق عمل جمع الكثير من أبناء وبنات الأيزيدية في خارج العراق وداخله، للتعامل مع الإبادة التي كانت ترتكب بحق أهلنا في شنكال، اذ ان العمل تركز في خارج العراق في اوربا وامريكا وأيضا في داخل العراق بمشاركة المئات من الشباب الأيزيدي.
في أوربا، المئات من الشباب الأيزيدي ساهموا في عمل المبادرة ونظموا اغلب المظاهرات التي حدثت آنذاك في بروكسل وهانوفر وغيرها من المدن الاوربية، كما شارك فريق المبادرة مع هيئة إغاثة سنجار في حوارات جنيف وبروكسل وبرلين. بدون التدخل الى تفاصيل العمل الذي أقيم آنذاك، العمل كان في اتجاهين، حث الشارع الأوربي والايزيدي على العمل على الضغط على الحكومات الاوربية بالتدخل في وقف الإبادة، واجراء محادثات مع الجانب الرسمي الأوربي سوى على مستوى الاتحاد الأوربي او على مستوى الحكومات في دول الاتحاد الأوربي. بالإضافة الى العمل على بناء مشروع الوحدة الايزيدية عمليا.
في أمريكا، عمل المبادرة وعمل الجالية الأيزيدية في أمريكا بصورة عامة، تركز على تنظيم مظاهرات واشنطن ومن بعدها اجراء محادثات مع الحكومة الامريكية مطالبتها بالتدخل، اذ نجح ممثلي الجالية الأيزيدية في واشنطن، وهي انجاز لجميع الأيزيدية في امريكا، للتاريخ أقول، في نقل صورة حقيقية الى الحكومة الامريكية ووسائل الاعلام الأمريكي، وبعد عدة اجتماعات مع الخارجية الامريكية ووزارة الدفاع والبيت الأبيض، وافقت الحكومة الامريكية على التدخل العسكري وضرب داعش جويا في شنكال واجلاء عشرات الالاف من الأيزيدية من كانوا عالقين في الجبل. أعضاء المبادرة في أمريكا، وأعضاء منظمة حقوق الانسان العالمية الحالية، أعضاء منظمة يزدا الحالية، والاخ دخيل شمو ومركز الأيزيدية في واشنطن، مام أبو علي وعائلته، وابناء الجالية الأيزيدية في كل من نبراسكا، تكساس، واشنطن، نيويورك، اريزونا, وكندا وغيرها من المناطق.
في العراق، كان تركيز عمل المبادرة واعضائها على جمع المعلومات عن الوضع الأمني والعمل كرابط بين القوات الأيزيدية وبين أعضاء المبادرة في الخارج الذين ساعدوا بنقل صورة عن الوضع الميداني الى القوات الامريكية اثناء عملية الاخلاء، كما تركز العمل أيضا على متابعة موضوع المختطفات وأماكن تواجدهم ومطالبة العالم بالتدخل. كان لأعضائنا في العراق أيضا الدور الكبير في حراك الشعبي ومطالبة الشارع الأيزيدي بالخروج بموقف موحد في وجه الازمة وحث الناس على الاستقالة من الأحزاب السياسية التي كانت سببا في اسقاط شنكال.
لن ادخل في تفاصيل العمل، ولكن المبادرة تشكلت في هكذا ظروف، كفريق عمل للرد عن الإبادة وعمل كل ما يمكن عمله للوقوف مع شعبنا في الداخل واخراجه من حالة الطواري، على مدى البعيد، وضعت للمبادرة ورقة عمل وخارطة طريق للمشروع الأيزيدي وتتلخص في تهيئة الشارع الأيزيدي للوصول الى مؤتمر يتم فيه انتخاب ممثلين عن الأيزيدية في العالم ويتم تشكيل كيان سياسي إيزيدي عالمي مستقل خلال فترة لا تتعدى الستة أشهر.
تم الاتفاق بين أعضاء المبادرة على احتواء المجلس الروحاني الأيزيدي، باعتبارها الجهة الأيزيدية الرسمية شعبيا وعالميا، القوى العسكرية الأيزيدية في الجبل، وايضا أشرك وجهاء العشائر من لهم مكانة في المجتمع الأيزيدية، ويكملهما التيار الشبابي المثقف، اذ ان المشروع أراد منه ان يكون لبنة حقيقة لجلب جميع القوى الأيزيدية تحت خيمة واحدة. عمل الأخ والمفكر الأيزيدي هوشنك بروكا على ان يكون حلقة وصل بين المبادرة وبين المجلس الروحاني والجبل.
بعد انتظار المجلس الروحاني والقيادة العشائرية لعدة أشهر، أخيرا قدموا الى اوربا ومنها الى امريكا، حيث شارك أعضاء المبادرة في جميع الحوارات التي أقيمت في اوربا وامريكا ونظموا هذه الاجتماعات أيضا، بخصوص القضية الأيزيدية. وكان الاتفاق ان يتم اجراء مؤتمر تأسيسي لكيان أيزيدي مستقل. غير اننا تفاجئنا حينذاك بانسحاب المجلس الروحاني الأيزيدي من المشروع، تلاه انسحاب القيادات العشائرية أيضا تحت ضغوطات الأحزاب السياسية في الحالتين. هذه الانسحابات من المشروع الأيزيدي وضع المبادرة والقائمون على المشروع الأيزيدي الموحد في موقف مختلف. وكان القرار آنذاك الاستمرار في المشروع الأيزيدي وحيدا مع قوة حماية شنكال التي كانت لا تزال فاعلة.
ملف قوة حماية شنكال وقرار البارزاني بمنع الوجود العسكري الأيزيدي في الجبل بشكل مستقل كان طعنة اخرة في المشروع الأيزيدي، اذ عملت المبادرة واعضائها على مواجهة القرار الصادر بإلغاء قوة حماية شنكال، اذ نظمت المبادرة المظاهرات في كل من العراق واوربا وامريكا، كما قام أعضاء المبادرة بإيصال القضية الى اعلى المستويات الرسمية في كل من اوربا وامريكا. مرة اخرة تفاجأنا بالقرارت التي اتخذت من الأخ حيدر ششو بالتنازل عن قوة حماية شنكال “إعلاميا على الأقل” دون مشورة المبادرة التي كانت العمود الفقري للحراك الأيزيدي.
أن انسحاب الأركان الثلاثة من المشروع الأيزيدي، وهم المجلس الروحاني والعشائر وأخيرا قادة الجبل، وضع المشروع الأيزيدي عامة على المحك، وأيضا وضعت المبادرة امام خياريين، فالعمل الذي أقيم طيلة الأشهر الماضية على المشروع الأيزيدي والوحدة الأيزيدية بوضع الجميع تحت سقف واحد لم يصل الى النتائج المرجوة بعد، وعليه كان لا بد من الاختيار بين التخلي عن المشروع الأيزيدي وفكرة الكيان الأيزيدي والوجود الأيزيدي في العالم تحت سقف واحد او إعادة خارطة الطريق ووضع أساس جديد للمشروع الأيزيدي في هذه المرة مع القوة الشبابية الأيزيدية فقط وليس بالاعتماد على المجلس الروحاني او العشائر، هنا اود الإشارة بان العلاقة بين المبادرة وبين الجبل لا تزال موجودة، لكن مع وجود بعض الخلل الذي سأتطرق اليه في وقت أخر.
في الجزء التالي سأناقش الخيارات المتوفرة امامنا كشعب وأيضا امامنا كمبادرة إيزيديون عبر العالم.
مراد أسماعيل
مبادرة إيزيديون عبر العالم – فرع أمريكا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire