مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي)
إعداد وترجمة: الباحث/ داود مراد ختاري
الحلقة (2)
كلمة وفاء
((لكون الدكتور عسكر بويك كان من اصدقاء الاديب أحمد ميرازي ، ارشدني الاستاذ بير خدر سليمان أن أطلب من السيد بويك بكتابة كلمة لموضوعنا هذا ، لذا اتصلت به عبر الموبايل في النمسا، فكتب هذه الكلمة بالكردية اللاتيني وترجمتها، فله مني جزيل الشكر والتقدير...الختاري))
ولد احمد شويش سنة 1899 في قرية تووتك، منطقة يادين، كوردستان الشمالية
تووتك قرية كردية، يعيش فيها الإيزيدية والمسلمين بحسن الجيرة، وسلام، وتآخي، ويكتب الكاتب في مذكراته: منذ القدم كان يفرق بيننا الشيوخ والملالي والحكام، الدين كان سبباً لتأخرنا، مع ذلك لم يكن هناك فرق بيننا غير الاختلاف في الدين، أما اعياد الإيزيدية الجميع كانوا يهنئوننا بالعيد، وفي عيد رمضان كنا جميعاً نُهنئهم بعيدهم ايضاً، وكذلك في جميع الاعياد والمناسبات، خلاصة القول: قيافتنا واحدة، لهجتنا واحدة، عاداتنا واحدة، أود ان أقول، لولا الفرق في الدين لم يكن هناك أية فوارق تذكر، لاننا كنا اولاد العم وابناء الاب الواحد.
في بيت شاويش حدثت حادثة عابرة، وهذا الحادثة تغير بالمرة حياة أحمد، الإبن الأصغر في العائلة. في أحد الأيام يستلم شاويش رسالة، في القرية لم يكن هناك من يستطيع قراءة الرسالة سوى الملا، والملا كان قد غادر الى مكان أخر خارج القرية، فيفكر الأب بأنه لا يجوز البقاء بدون أن يكون هناك من يقرأ ويكتب ويتشاور مع إبنه الكبير:
تيمور يا بني، إلى متى سنبقى على هذه الحالة أميين، جاهلين في حلكة الظلام؟ فالرجل الأمي والدجاجة العمياء، نفس الشيء، تعال نرسل أحمد للدراسة.
أفراد العائلة يتشاورون فيما بينهم ويقررون بأن يرسلوا أحمد للدراسة عند ملا القرية.
هذا القرار في ذلك الوقت، بين الإيزيديين، في الحقيقة خطوة متقدمة في الجرأة، لأن المتدينين الإيزيديين قد حرموا الكتابة والقراءة على الإيزيديين، وكانت تعتبر من مساوء الدنيا، وخاصة بأن يدرس الطالب عند ملا مسلم، فهذه لم تحدث أبدا.
لكن حقيقة الحياة والصداقة، الجيرة بين القرويين تأخذ الشاويش نحو هذه الفكرة، فلا شاويش نفسه ولا القرويين من حوله يرون أية سوء في هذه، ولا يرون بأنه هناك أية ذنوب من مطلبهم هذا، وفكرة بأن المعلم ملا وحسب الديانة لا يجوز لا تمر عليهم حتى، ومن خلال قلب مليء بالحب يقوم بأخذ عاتق تعليم الأطفال الإيزيديين.
هكذا هي المسألة، فإذا لم يقم السيء واللا آهل برغبتهم الشخصية الشريرة، الساعية وراء مصالحها الخاصة، السلطة إن لم تقم بالتفرقة والعداوة بين أبناء الشعب الكوردي، فلا يوجد من هو أكثر أتفاقا منهن ولا يوجد من هو أفضل منه، أخير منه، ولا يوجد شعب أكثر منه ثقافة وعلم... لكن المحتلين لأرضه والمتسلطين عليه، رجال الدين المزيفين، بدل أن يتربى الشعب على يدهم، بالتزيف وعن معرفة زرعوا بينه التفرقة الدينية والعقائدية، زرعوا العشائرية والقبلية وجعلوا منها سلاحا لأقتتال الأخوة فيما بينهم، في كوردستان لم تتوقف الحروب والصراعات الداخلية، بل كانوا يحشدون الناس لتغذيتها، وأصبحت العداوات منتشرة بين الشعب ذاته.
يتلقى أحمد ولمدة سنتين تعليمه على يد الملا كاكا شيخ، يتعلم خلالها القراءة والكتابة، يتعرف خلالها على شعراء الشرق العظماء، وبما يتعلمه أحمد يسعد الجيران والمحيطين به، حتى آغا القرية يسعد بدراسته وشطارته، فيعطيه القيمة لهذا. الملا يحب طالبه الشاطر والعاقل، فيحث أبوه شاويش على أن يرسل أحمد الى مدرسة في ناحية ضياء الدين ليكمل مسيرته التعليمية.
و من خلال مذكراته التي كتبها بنفسه، يظن القارئ بأن دراسته في ناحية ضياء الدين ليست فقط في مجال القراءة والكتابة تتطور، بل تتعدى ذلك الى معرفة الذات ومعرفة الوطن. هنا يحس بأن منطقة سرحد هي بلد المغنين، الشعراء والعلماء أمثال أحمد الخاني، عفدال زينكى، الملا محمود البإيزيدي وكثيرين من أمثالهم. فيكون شاهدا على ما خلفوه من إبداع كبير في خدمة شعبهم، فيتجول بين أثارهم ويستمع الى ذكرياتهم التي تحكى على ألسنة المطربين والمعاصرين له من فيصبح حبل الوصل لكبار المغنيين في بلاد سرحد ألا وهو المغني عفدالى زينكى.
وتبدأ الحرب العالمية الأولى، أمواج الحرب المدمرة تصل الى بلاده أيضا، فتبقي دراسته في أواسطها، فيذهب وراء العلم باحثا الى بلاد الروس، منطقة أرمينيا، على جنبات جبال الآلاكزي، منطقة الإيزيديين، بهدف إنهاء دراسته في مدرسة قرية قوندسازى الروسية، حينها يعبر الحدود الروسية الى الداخل، وفي سنة 1900 السلطات الروسية كانت قد قامت بفتح مدارس في ثلاثة قرى (قرية زورى في
منطقة سورملى، ساريبلاخ في منطقة قارس وقوندسازي في منطقة آلاكزي) وذلك بطلب من رئيس الايزيدية في تلك المنطقة يوسف بك إبن الآغا حسن.
ولسوء حظه حينها لم تكن المدارس مأهولة هناك، فيذهب الى مدينة تبليس، وهناك أيضا لا يجد أية فرصة للدراسة. فيجبر على القيام بأعمال أخرى متنوعة خلال سنتين أو ثلاث سنوات، بعدها يعود الى قريته العديلية، تلك القرية الخضراء المعمرة (عندما أقتربنا من القرية كنا نأمل بأن يستقبلون بالفرحة العارمة وكأنه عرس، لكن لم يستقبلونا كما كنا نظن).
على محيط القرية كانت الأغنام ترعى ساعية، لكن أصوات مزامير الرعاة وغناء رعاة الغنم وضجيج العمال العاملين بالمزارع لم تكن تسمع، الآن كان من المفروض أن يقوم الأولاد باللعب بالقرب من بيوت القرية، وحينما يلاحظون قدومنا يفترض بأن يهرعوا إلينا... لكن هذا أيضا لم يكن، سابقاً حينما كان أهل القرية يجوبون قريتهم ترتفع أصوات أقدامهم وكأنهم فرسان يمرون، لكن الآن؟ حركتهم بطيئة ويائسة ويتحدثون بصوت خافت مع بعضهم. قبل حين كنت تنظر الى داخل القرية، وكأنك تشاهد زهور الربيع، فأهل القرية جميعهم يرتدون الأحمر والأصفر، ولكن الآن؟ الآن الأغلبية باللباس الأسود، وروؤسهم ملفوحة بالشرائط السوداء، وحتى شمسهم كأنها حزنت معهم...
تلك المنطقة أصبحت مكان الغزاة والمهربين، الناهبين، المعارك والقتل، أيضا التفرقة، الغدر، إقتتال الأخوة، الحروب والعداوات، كذلك عداوات عقائدية. أكراد المنطقة من الإيزيديين يجبرون للإنضمام الى الأرمن والهروب معهم الى أرمينيا الحالية.
أحمد الميرازي ولأجل حماية المضطهدين الايزيدين من الجنود الأتراك ينضم الى فرسان الآغا جانكير المناهضين للسلطات التركية، في تلك الحرب وكرجل متعلم وصاحب معرفة ومغني يشتهر أحمد الميرازي بين المجتمع ويحبه الناس.
فتقوم حرب الأحداث التراجيدية الكبرى. عندما يسيطر السوفيت على جمهوريات ما وراء القفقاز، تتوقف نار الحروب والدعوات الداخلية، فلا تصل إليهم يد جنود الدولة التركية، حينها يذهب الميرازي الى مدينة تبليس.
حينها كانت تبليس تمتلئ بالمهاجرين الكورد الإيزيديين، ممتلئة باليتامة، العوائل، العباد الفارين من المجازر وظلم الروم الشنيع، الهاربين من المجاعة وطاعون الأمراض في سنوات 1918 – 1920 أو بتحركهم نحو الخلاص في أزقة تلك المدينة، ذلك المجتمع الجاهل الذي لم يخرج من قريته، من حياة القرية تحول فجأة الى حياة المدينة، كانوا يقومون بالأعمال السوداء الصعبة، يعيشون حالة مذرية من الناحية الأقتصادية، كانوا بحاجة الى مساعدة الناس الواعيين والعلماء. أحمد الميرازي كمثقف بين شعبه كان يهتم بمشاكله، يدخل بينهم ويقوم بالنضال الأجتماعي والثقافي المقدس.
أحمد يكتب سيناريو للمسرح، ويصعد على خشبتها يمثلها، يشكل فرق الأغاني والدبكات ويطورها، يكتب الشعر، يؤلف أغاني جديدة، رويداً رويداً تتطور نشاطاته وتتوسع.
يعرف في كورجستان كمثقف كوردي، ينتخب عدة مرات كممثل عن بلدية مدينة تبليس، فيرسلونه الى تلك النواحي المتواجدة في جمهورية كورجستان، أينما تواجدت القرى الكوردية، في كتابه المذكرات يتواجد مقاطع مثيرة للعواطف في هذا الصدد: (في سنوات المحنة وصعاب نظام الأستبداد لستالين يتهمش دوره، وفي سنة 1937 يرسلونه الى مدينة موسكو للدراسة. بعد الدراسة يعود الى أهله في أرمينيا. يقوم بأعمال عديدة ومتنوعة في ناحية حوكتيمبيريان). في سنة 1961 يتوفى أحمد الميرازي في قرية تابعة لناحية يخيكنوتي (قاموشلو).
في سنوات العشرين من القرن الماضي، يبدأ الكتاب والمثقفين بجمع أعمال أحمد الميرازي الأبداعية، الكتاب والمثقفين الكورد والأرمنيين، (العاملين في الثقافة الكوردية في السوفيت)
- ترعرع أحمد الميرازي بين عشيرة كوردية قديمة، درس في حجرة على يد الملا، كان خبيرا في الأدب الشرقي، وعالما بالأدب الكلاسيكي الكوردي، يعرف بصورة جيدة وعلى علم بالعرف والعادات والأعياد، وكل ما يتعلق بالكورد الإيزيديين وكذلك الكورد المسلمين.
- لغته كانت صافية وغنية.
كبر بين أحضان الكرمانجية، بين الرواة والمغنيين، يعرف الأقوال الشعبية بصورة جيدة، وكان يتغذى من مصادر أغاني عفدالى زينكى ويغني أغانيه.
- الحرب والدعوات، المجازر في تلك السنوات، الهجرة والفرار من الوطن، الغلاء والمجاعة وطاعون الأمراض في سنوات 1918 – 1920 قد مرت عليه، ورأها بعينه، لقد رأى كيف كان الجار والصديق والكريف الذي يعتبر أخا، كإبن الأب تماما، كيف كانوا يضحون من أجل بعضهم البعض، يعيشون الفرح والأعياد معا، وكذلك أيام الحزن معا. وقد رأى كيف أصبحوا أعداء فيما بينهم.. فهو لم يكن فقط شاهدا بعينه على ما جرى حينها، بل أجبر على أن يخوض فيها بذاته.
- عظمة حواس الخلق والأبداع عنده كثيرة.
- كاتب ومثقف ومهتم بقضايا شعبه لدرجة كبيرة.
لكن للأسف، الأبداعات الأقل التي وصلتنا كانت تلك الـتي كتبها أحمد الميرازي.
مبدع مثله، خلال أربعين سنة من النشاط، نشر له كتاب مذكرات ومسرحية، أيضا بعد وفاته، وكذلك بعض الأشعار له نشرت في صحيفة (رييا تازة)، ألا يقال شيء عن هذا... في تلك المرحلة، خلال سنوات 1930 – 1936 وبمعدل صدور ونشر 25 كتابا في السنة، حينما ينظر اليوم الى تلك الكتب، فقط من الناحية التاريخية، (كيف نشرت الكتب باللغة الكوردية في تلك الحقبة) أليست لها قيمة أدبية، علمية ولغوية. فلا نرى إسمه في الموسوعات الكوردية عن الأدباء.
في تلك المرحلة، أي سنة 1936 الباحث في الشأن الكوردي المعروف أو. فيلجيفسكي كتب حول أحمد الميرازي مايلي (عندما يؤلف أحمد الميرازي أغانيه، ينسجها من الفن والحكمة الشعبية، ومع ذلك يبقى وفيا للخزينة الفلكلورية الكوردية حتى النهاية).
البروفيسور حجي جندي أيضا كتب عنه (أحمد شاويش بالأصل كان مغنيا، صاحب صوت عذب، وردة في الأعراس والأفراح. ولم يكن يأخذ الأغنية ويغنيها فقط، بل كان يؤلفها من الحكمة الكوردية، وإن قلنا بأنه مغني ومبدع في كيفية التعامل مع الحكمة الكوردية وكذلك لديه الكثير – الكثير من الأبيات والقصص، الطلاسم والأقوال المأثورة. بهذه الصورة يعد نبعا في الحكم والأمثال القديمة، وسعة أغانيه لم تكن لها نهاية، ولأنه كان يمتلك صوتا عذبا، مستمعيه لم يكن يشبعون من سماع صوته ولقائه).
تنتشر أغانيه بين أكراد كورجستان وأرمينيا منذ سنوات العشرينيات، بعضها منشورة في صحيفة (رييا تازة) وكذلك في الكتب الدراسية.
في سنة 1935 نشرت له مسرحية (الزمن الماضي)، محتوى المسرحية وأحداثها مأخوذة من حياة الكورد الإيزيديين في منطقة بيازيد، مسقط رأسه.
في المسرحية يوضح حال العمال الكورد، المناضلين، الظلم والأضطهاد الذي يتلقونه بيد الآغا، البك والسلطات كذلك. حيث أحداث سنوات 1918 – 1920 تصبح أحوال المجتمع أكثر صعوبة من ذي قبل، الناس يتركون أملاكهم وبيوتهم، الايزيدية يهربون الى أرمينيا، والمسلمين الى منطقة وان.
عندما يتعرف المرء على هذه المسرحية، تظهر للعيان شهرته في التأليف، تتوضح المسرحية أكثر، البروفيسور حجي الجندي في مقدمة كتابه (مذكراتي) كتب حول هذه المسرحية: (هذه الرائعة في نتيجتها، مع محتواها تأخذ صدارة في أدبنا).
بعد مرور ثلاثين سنة على نشر تلك المسرحية أي في سنة 1966 (بعد وفاة مؤلفها بخمسة سنوات) ينشر كتابه (مذكراتي) بتنقيح من البروفيسور حجي الجندي وأمريكي سردار، شد الكتاب هذا إنتباه القراء بصورة فجائية، وقد أحبه القراء وقيموه عاليا.
وأنا قد قرأت عدة مرات، بحب كبير كتاب (مذكراتي)، ولم أكن أشبع من قراءته. فهي من النوع القيم جدا، وذات قيمة عالية، فهو يعد من الأدباء الكورد في السوفيت المنفتحين في ذلك العصر ويكتشف القراء ندرتهم، وحتى الآن كُتاب من هذا القبيل نادرون.
في سنة 1997 أخذ هذا الكتاب مكانه للطباعة بين منشورات دار النشر (دنك) في أستنبول أيضا.
أستطاع الكاتب من خلال هذا الكتاب الصغير وببراعة أن يوضح أحوال الشعب الكوردي في تلك المنطقة، أحداث سنوات 1900 – 1925 كانت حية فيه، صافية وملفتة للأنتباه، يأتي بها مزينة وملونة ليفرشها أمام أعين القارئ، تاريخ وجاهلية ايزيدية أرمينيا، حرب الإقتتال الأخوي الداخلي، الظلم المفروض عليهم من قبل سلطات الروم، الفرار والهروب المستمر، أحوال المجتمع المنهوب، لم تدرج في أوراق أي أديب أخر بهذه الصورة، المذوقة والواقعية، ولم تحلل كما حللت في هذا الكتاب الصغير.
والذي يريد أن يتعرف على حقائق أحداث سنوات 1918 – 1920، هجرة إيزيديأرمينيا وأسباب المعارك الداخلية بين الكورد، عليه أن يقرأ هذا الكتاب الصغير. في الحقيقة ولأسباب سياسية محضة تتعلق ببلاد السوفيت حيث يكتبها المؤلف بصورة غامضة عن وعي، لكنه يوضح من خلال بعض الأسطر القصيرة عدم رضاه والألم الذي يحس به جراء ذلك يتوضح للقارئ.
في الكتاب هناك مقطع لا يغادر مخيلتي، الكورد يحاربون ضد الكورد وتلك المرأة كوردية مسلمة. ((يا أولاد العم، إنها الحقيقة، اليوم أصبحنا أعداء بعضنا البعض، نتقاتل فيما بيننا، والأخ يقتل أخاه، فبعد العداوة أيضا هناك الصداقة، في يوم ما سنندم على أفعالنا هذه، والأجيال القادمة ستهزأ بنا وتقول: هل يعقل أن يقتل الأخ أخاه ؟ بعد الآن هي من عمل الباشا. صحيح نحن الآن أعداء، لكن يختلف في مسألة الشرف والناموس، لأن المثل يقول حتى عندما قاموا برمي الناموس أمام الكلاب، لم يدس عليه. اليوم شبابنا خرجوا في دورية، ووجدوا هذه الحرمة مع بقرة صفراء في (زنكة قرحساري) وجلبوهما، ونحن بدورنا الآن نرسلها لكم، وأقسم لكم بالله، بأننا نحبكم جميعا، فتقبلوا هذه الحرمة بدون أي شك أو شبهات، فنحن جميعا عاملناها مثلما نتعامل مع أخواتنا، وفي الختام أودعكم. أحمد شاويش)).
كتبت هذه الأسطر ببراعة، محتواها حقيقة أليمة وجرح مفتوح، إنها معضلة الشعب الكوردي عبر العصور، حتى اليوم أيضا لأجل الأتفاق وحقيقة الكوردايتي نحتاج الى أكراد يبحثون في مضمون هذه الرسالة القصيرة ويتأملونها.
كذلك يعد هذا الكتاب من المصادر الثمينة حول عفدالى زينكى، عرف والعادات الكوردية في ذلك الوقت، تاريخ المجتمع الكوردي في كورجستان والكثير من الأسئلة تجدها في هذا الكتاب. البروفيسور عسكر بويك/ النمسا
الحلقة (2)
كلمة وفاء
((لكون الدكتور عسكر بويك كان من اصدقاء الاديب أحمد ميرازي ، ارشدني الاستاذ بير خدر سليمان أن أطلب من السيد بويك بكتابة كلمة لموضوعنا هذا ، لذا اتصلت به عبر الموبايل في النمسا، فكتب هذه الكلمة بالكردية اللاتيني وترجمتها، فله مني جزيل الشكر والتقدير...الختاري))
ولد احمد شويش سنة 1899 في قرية تووتك، منطقة يادين، كوردستان الشمالية
تووتك قرية كردية، يعيش فيها الإيزيدية والمسلمين بحسن الجيرة، وسلام، وتآخي، ويكتب الكاتب في مذكراته: منذ القدم كان يفرق بيننا الشيوخ والملالي والحكام، الدين كان سبباً لتأخرنا، مع ذلك لم يكن هناك فرق بيننا غير الاختلاف في الدين، أما اعياد الإيزيدية الجميع كانوا يهنئوننا بالعيد، وفي عيد رمضان كنا جميعاً نُهنئهم بعيدهم ايضاً، وكذلك في جميع الاعياد والمناسبات، خلاصة القول: قيافتنا واحدة، لهجتنا واحدة، عاداتنا واحدة، أود ان أقول، لولا الفرق في الدين لم يكن هناك أية فوارق تذكر، لاننا كنا اولاد العم وابناء الاب الواحد.
في بيت شاويش حدثت حادثة عابرة، وهذا الحادثة تغير بالمرة حياة أحمد، الإبن الأصغر في العائلة. في أحد الأيام يستلم شاويش رسالة، في القرية لم يكن هناك من يستطيع قراءة الرسالة سوى الملا، والملا كان قد غادر الى مكان أخر خارج القرية، فيفكر الأب بأنه لا يجوز البقاء بدون أن يكون هناك من يقرأ ويكتب ويتشاور مع إبنه الكبير:
تيمور يا بني، إلى متى سنبقى على هذه الحالة أميين، جاهلين في حلكة الظلام؟ فالرجل الأمي والدجاجة العمياء، نفس الشيء، تعال نرسل أحمد للدراسة.
أفراد العائلة يتشاورون فيما بينهم ويقررون بأن يرسلوا أحمد للدراسة عند ملا القرية.
هذا القرار في ذلك الوقت، بين الإيزيديين، في الحقيقة خطوة متقدمة في الجرأة، لأن المتدينين الإيزيديين قد حرموا الكتابة والقراءة على الإيزيديين، وكانت تعتبر من مساوء الدنيا، وخاصة بأن يدرس الطالب عند ملا مسلم، فهذه لم تحدث أبدا.
لكن حقيقة الحياة والصداقة، الجيرة بين القرويين تأخذ الشاويش نحو هذه الفكرة، فلا شاويش نفسه ولا القرويين من حوله يرون أية سوء في هذه، ولا يرون بأنه هناك أية ذنوب من مطلبهم هذا، وفكرة بأن المعلم ملا وحسب الديانة لا يجوز لا تمر عليهم حتى، ومن خلال قلب مليء بالحب يقوم بأخذ عاتق تعليم الأطفال الإيزيديين.
هكذا هي المسألة، فإذا لم يقم السيء واللا آهل برغبتهم الشخصية الشريرة، الساعية وراء مصالحها الخاصة، السلطة إن لم تقم بالتفرقة والعداوة بين أبناء الشعب الكوردي، فلا يوجد من هو أكثر أتفاقا منهن ولا يوجد من هو أفضل منه، أخير منه، ولا يوجد شعب أكثر منه ثقافة وعلم... لكن المحتلين لأرضه والمتسلطين عليه، رجال الدين المزيفين، بدل أن يتربى الشعب على يدهم، بالتزيف وعن معرفة زرعوا بينه التفرقة الدينية والعقائدية، زرعوا العشائرية والقبلية وجعلوا منها سلاحا لأقتتال الأخوة فيما بينهم، في كوردستان لم تتوقف الحروب والصراعات الداخلية، بل كانوا يحشدون الناس لتغذيتها، وأصبحت العداوات منتشرة بين الشعب ذاته.
يتلقى أحمد ولمدة سنتين تعليمه على يد الملا كاكا شيخ، يتعلم خلالها القراءة والكتابة، يتعرف خلالها على شعراء الشرق العظماء، وبما يتعلمه أحمد يسعد الجيران والمحيطين به، حتى آغا القرية يسعد بدراسته وشطارته، فيعطيه القيمة لهذا. الملا يحب طالبه الشاطر والعاقل، فيحث أبوه شاويش على أن يرسل أحمد الى مدرسة في ناحية ضياء الدين ليكمل مسيرته التعليمية.
و من خلال مذكراته التي كتبها بنفسه، يظن القارئ بأن دراسته في ناحية ضياء الدين ليست فقط في مجال القراءة والكتابة تتطور، بل تتعدى ذلك الى معرفة الذات ومعرفة الوطن. هنا يحس بأن منطقة سرحد هي بلد المغنين، الشعراء والعلماء أمثال أحمد الخاني، عفدال زينكى، الملا محمود البإيزيدي وكثيرين من أمثالهم. فيكون شاهدا على ما خلفوه من إبداع كبير في خدمة شعبهم، فيتجول بين أثارهم ويستمع الى ذكرياتهم التي تحكى على ألسنة المطربين والمعاصرين له من فيصبح حبل الوصل لكبار المغنيين في بلاد سرحد ألا وهو المغني عفدالى زينكى.
وتبدأ الحرب العالمية الأولى، أمواج الحرب المدمرة تصل الى بلاده أيضا، فتبقي دراسته في أواسطها، فيذهب وراء العلم باحثا الى بلاد الروس، منطقة أرمينيا، على جنبات جبال الآلاكزي، منطقة الإيزيديين، بهدف إنهاء دراسته في مدرسة قرية قوندسازى الروسية، حينها يعبر الحدود الروسية الى الداخل، وفي سنة 1900 السلطات الروسية كانت قد قامت بفتح مدارس في ثلاثة قرى (قرية زورى في
منطقة سورملى، ساريبلاخ في منطقة قارس وقوندسازي في منطقة آلاكزي) وذلك بطلب من رئيس الايزيدية في تلك المنطقة يوسف بك إبن الآغا حسن.
ولسوء حظه حينها لم تكن المدارس مأهولة هناك، فيذهب الى مدينة تبليس، وهناك أيضا لا يجد أية فرصة للدراسة. فيجبر على القيام بأعمال أخرى متنوعة خلال سنتين أو ثلاث سنوات، بعدها يعود الى قريته العديلية، تلك القرية الخضراء المعمرة (عندما أقتربنا من القرية كنا نأمل بأن يستقبلون بالفرحة العارمة وكأنه عرس، لكن لم يستقبلونا كما كنا نظن).
على محيط القرية كانت الأغنام ترعى ساعية، لكن أصوات مزامير الرعاة وغناء رعاة الغنم وضجيج العمال العاملين بالمزارع لم تكن تسمع، الآن كان من المفروض أن يقوم الأولاد باللعب بالقرب من بيوت القرية، وحينما يلاحظون قدومنا يفترض بأن يهرعوا إلينا... لكن هذا أيضا لم يكن، سابقاً حينما كان أهل القرية يجوبون قريتهم ترتفع أصوات أقدامهم وكأنهم فرسان يمرون، لكن الآن؟ حركتهم بطيئة ويائسة ويتحدثون بصوت خافت مع بعضهم. قبل حين كنت تنظر الى داخل القرية، وكأنك تشاهد زهور الربيع، فأهل القرية جميعهم يرتدون الأحمر والأصفر، ولكن الآن؟ الآن الأغلبية باللباس الأسود، وروؤسهم ملفوحة بالشرائط السوداء، وحتى شمسهم كأنها حزنت معهم...
تلك المنطقة أصبحت مكان الغزاة والمهربين، الناهبين، المعارك والقتل، أيضا التفرقة، الغدر، إقتتال الأخوة، الحروب والعداوات، كذلك عداوات عقائدية. أكراد المنطقة من الإيزيديين يجبرون للإنضمام الى الأرمن والهروب معهم الى أرمينيا الحالية.
أحمد الميرازي ولأجل حماية المضطهدين الايزيدين من الجنود الأتراك ينضم الى فرسان الآغا جانكير المناهضين للسلطات التركية، في تلك الحرب وكرجل متعلم وصاحب معرفة ومغني يشتهر أحمد الميرازي بين المجتمع ويحبه الناس.
فتقوم حرب الأحداث التراجيدية الكبرى. عندما يسيطر السوفيت على جمهوريات ما وراء القفقاز، تتوقف نار الحروب والدعوات الداخلية، فلا تصل إليهم يد جنود الدولة التركية، حينها يذهب الميرازي الى مدينة تبليس.
حينها كانت تبليس تمتلئ بالمهاجرين الكورد الإيزيديين، ممتلئة باليتامة، العوائل، العباد الفارين من المجازر وظلم الروم الشنيع، الهاربين من المجاعة وطاعون الأمراض في سنوات 1918 – 1920 أو بتحركهم نحو الخلاص في أزقة تلك المدينة، ذلك المجتمع الجاهل الذي لم يخرج من قريته، من حياة القرية تحول فجأة الى حياة المدينة، كانوا يقومون بالأعمال السوداء الصعبة، يعيشون حالة مذرية من الناحية الأقتصادية، كانوا بحاجة الى مساعدة الناس الواعيين والعلماء. أحمد الميرازي كمثقف بين شعبه كان يهتم بمشاكله، يدخل بينهم ويقوم بالنضال الأجتماعي والثقافي المقدس.
أحمد يكتب سيناريو للمسرح، ويصعد على خشبتها يمثلها، يشكل فرق الأغاني والدبكات ويطورها، يكتب الشعر، يؤلف أغاني جديدة، رويداً رويداً تتطور نشاطاته وتتوسع.
يعرف في كورجستان كمثقف كوردي، ينتخب عدة مرات كممثل عن بلدية مدينة تبليس، فيرسلونه الى تلك النواحي المتواجدة في جمهورية كورجستان، أينما تواجدت القرى الكوردية، في كتابه المذكرات يتواجد مقاطع مثيرة للعواطف في هذا الصدد: (في سنوات المحنة وصعاب نظام الأستبداد لستالين يتهمش دوره، وفي سنة 1937 يرسلونه الى مدينة موسكو للدراسة. بعد الدراسة يعود الى أهله في أرمينيا. يقوم بأعمال عديدة ومتنوعة في ناحية حوكتيمبيريان). في سنة 1961 يتوفى أحمد الميرازي في قرية تابعة لناحية يخيكنوتي (قاموشلو).
في سنوات العشرين من القرن الماضي، يبدأ الكتاب والمثقفين بجمع أعمال أحمد الميرازي الأبداعية، الكتاب والمثقفين الكورد والأرمنيين، (العاملين في الثقافة الكوردية في السوفيت)
- ترعرع أحمد الميرازي بين عشيرة كوردية قديمة، درس في حجرة على يد الملا، كان خبيرا في الأدب الشرقي، وعالما بالأدب الكلاسيكي الكوردي، يعرف بصورة جيدة وعلى علم بالعرف والعادات والأعياد، وكل ما يتعلق بالكورد الإيزيديين وكذلك الكورد المسلمين.
- لغته كانت صافية وغنية.
كبر بين أحضان الكرمانجية، بين الرواة والمغنيين، يعرف الأقوال الشعبية بصورة جيدة، وكان يتغذى من مصادر أغاني عفدالى زينكى ويغني أغانيه.
- الحرب والدعوات، المجازر في تلك السنوات، الهجرة والفرار من الوطن، الغلاء والمجاعة وطاعون الأمراض في سنوات 1918 – 1920 قد مرت عليه، ورأها بعينه، لقد رأى كيف كان الجار والصديق والكريف الذي يعتبر أخا، كإبن الأب تماما، كيف كانوا يضحون من أجل بعضهم البعض، يعيشون الفرح والأعياد معا، وكذلك أيام الحزن معا. وقد رأى كيف أصبحوا أعداء فيما بينهم.. فهو لم يكن فقط شاهدا بعينه على ما جرى حينها، بل أجبر على أن يخوض فيها بذاته.
- عظمة حواس الخلق والأبداع عنده كثيرة.
- كاتب ومثقف ومهتم بقضايا شعبه لدرجة كبيرة.
لكن للأسف، الأبداعات الأقل التي وصلتنا كانت تلك الـتي كتبها أحمد الميرازي.
مبدع مثله، خلال أربعين سنة من النشاط، نشر له كتاب مذكرات ومسرحية، أيضا بعد وفاته، وكذلك بعض الأشعار له نشرت في صحيفة (رييا تازة)، ألا يقال شيء عن هذا... في تلك المرحلة، خلال سنوات 1930 – 1936 وبمعدل صدور ونشر 25 كتابا في السنة، حينما ينظر اليوم الى تلك الكتب، فقط من الناحية التاريخية، (كيف نشرت الكتب باللغة الكوردية في تلك الحقبة) أليست لها قيمة أدبية، علمية ولغوية. فلا نرى إسمه في الموسوعات الكوردية عن الأدباء.
في تلك المرحلة، أي سنة 1936 الباحث في الشأن الكوردي المعروف أو. فيلجيفسكي كتب حول أحمد الميرازي مايلي (عندما يؤلف أحمد الميرازي أغانيه، ينسجها من الفن والحكمة الشعبية، ومع ذلك يبقى وفيا للخزينة الفلكلورية الكوردية حتى النهاية).
البروفيسور حجي جندي أيضا كتب عنه (أحمد شاويش بالأصل كان مغنيا، صاحب صوت عذب، وردة في الأعراس والأفراح. ولم يكن يأخذ الأغنية ويغنيها فقط، بل كان يؤلفها من الحكمة الكوردية، وإن قلنا بأنه مغني ومبدع في كيفية التعامل مع الحكمة الكوردية وكذلك لديه الكثير – الكثير من الأبيات والقصص، الطلاسم والأقوال المأثورة. بهذه الصورة يعد نبعا في الحكم والأمثال القديمة، وسعة أغانيه لم تكن لها نهاية، ولأنه كان يمتلك صوتا عذبا، مستمعيه لم يكن يشبعون من سماع صوته ولقائه).
تنتشر أغانيه بين أكراد كورجستان وأرمينيا منذ سنوات العشرينيات، بعضها منشورة في صحيفة (رييا تازة) وكذلك في الكتب الدراسية.
في سنة 1935 نشرت له مسرحية (الزمن الماضي)، محتوى المسرحية وأحداثها مأخوذة من حياة الكورد الإيزيديين في منطقة بيازيد، مسقط رأسه.
في المسرحية يوضح حال العمال الكورد، المناضلين، الظلم والأضطهاد الذي يتلقونه بيد الآغا، البك والسلطات كذلك. حيث أحداث سنوات 1918 – 1920 تصبح أحوال المجتمع أكثر صعوبة من ذي قبل، الناس يتركون أملاكهم وبيوتهم، الايزيدية يهربون الى أرمينيا، والمسلمين الى منطقة وان.
عندما يتعرف المرء على هذه المسرحية، تظهر للعيان شهرته في التأليف، تتوضح المسرحية أكثر، البروفيسور حجي الجندي في مقدمة كتابه (مذكراتي) كتب حول هذه المسرحية: (هذه الرائعة في نتيجتها، مع محتواها تأخذ صدارة في أدبنا).
بعد مرور ثلاثين سنة على نشر تلك المسرحية أي في سنة 1966 (بعد وفاة مؤلفها بخمسة سنوات) ينشر كتابه (مذكراتي) بتنقيح من البروفيسور حجي الجندي وأمريكي سردار، شد الكتاب هذا إنتباه القراء بصورة فجائية، وقد أحبه القراء وقيموه عاليا.
وأنا قد قرأت عدة مرات، بحب كبير كتاب (مذكراتي)، ولم أكن أشبع من قراءته. فهي من النوع القيم جدا، وذات قيمة عالية، فهو يعد من الأدباء الكورد في السوفيت المنفتحين في ذلك العصر ويكتشف القراء ندرتهم، وحتى الآن كُتاب من هذا القبيل نادرون.
في سنة 1997 أخذ هذا الكتاب مكانه للطباعة بين منشورات دار النشر (دنك) في أستنبول أيضا.
أستطاع الكاتب من خلال هذا الكتاب الصغير وببراعة أن يوضح أحوال الشعب الكوردي في تلك المنطقة، أحداث سنوات 1900 – 1925 كانت حية فيه، صافية وملفتة للأنتباه، يأتي بها مزينة وملونة ليفرشها أمام أعين القارئ، تاريخ وجاهلية ايزيدية أرمينيا، حرب الإقتتال الأخوي الداخلي، الظلم المفروض عليهم من قبل سلطات الروم، الفرار والهروب المستمر، أحوال المجتمع المنهوب، لم تدرج في أوراق أي أديب أخر بهذه الصورة، المذوقة والواقعية، ولم تحلل كما حللت في هذا الكتاب الصغير.
والذي يريد أن يتعرف على حقائق أحداث سنوات 1918 – 1920، هجرة إيزيديأرمينيا وأسباب المعارك الداخلية بين الكورد، عليه أن يقرأ هذا الكتاب الصغير. في الحقيقة ولأسباب سياسية محضة تتعلق ببلاد السوفيت حيث يكتبها المؤلف بصورة غامضة عن وعي، لكنه يوضح من خلال بعض الأسطر القصيرة عدم رضاه والألم الذي يحس به جراء ذلك يتوضح للقارئ.
في الكتاب هناك مقطع لا يغادر مخيلتي، الكورد يحاربون ضد الكورد وتلك المرأة كوردية مسلمة. ((يا أولاد العم، إنها الحقيقة، اليوم أصبحنا أعداء بعضنا البعض، نتقاتل فيما بيننا، والأخ يقتل أخاه، فبعد العداوة أيضا هناك الصداقة، في يوم ما سنندم على أفعالنا هذه، والأجيال القادمة ستهزأ بنا وتقول: هل يعقل أن يقتل الأخ أخاه ؟ بعد الآن هي من عمل الباشا. صحيح نحن الآن أعداء، لكن يختلف في مسألة الشرف والناموس، لأن المثل يقول حتى عندما قاموا برمي الناموس أمام الكلاب، لم يدس عليه. اليوم شبابنا خرجوا في دورية، ووجدوا هذه الحرمة مع بقرة صفراء في (زنكة قرحساري) وجلبوهما، ونحن بدورنا الآن نرسلها لكم، وأقسم لكم بالله، بأننا نحبكم جميعا، فتقبلوا هذه الحرمة بدون أي شك أو شبهات، فنحن جميعا عاملناها مثلما نتعامل مع أخواتنا، وفي الختام أودعكم. أحمد شاويش)).
كتبت هذه الأسطر ببراعة، محتواها حقيقة أليمة وجرح مفتوح، إنها معضلة الشعب الكوردي عبر العصور، حتى اليوم أيضا لأجل الأتفاق وحقيقة الكوردايتي نحتاج الى أكراد يبحثون في مضمون هذه الرسالة القصيرة ويتأملونها.
كذلك يعد هذا الكتاب من المصادر الثمينة حول عفدالى زينكى، عرف والعادات الكوردية في ذلك الوقت، تاريخ المجتمع الكوردي في كورجستان والكثير من الأسئلة تجدها في هذا الكتاب. البروفيسور عسكر بويك/ النمسا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire